أوضح الكاتب ديفيد هاستينجز دن أن قمة الشرق الأوسط في شرم الشيخ أظهرت أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يشبه اتفاق الجمعة العظيمة في أيرلندا الشمالية ولا اتفاق دايتون في البلقان، رغم ما تحاول بعض وسائل الإعلام الإيحاء به. الاتفاق مختلف جذريًا؛ إذ يأتي مفروضًا من الخارج، ذا طابعٍ تجاري بحت، ويفتقر إلى خطة واضحة لما بعد وقف الحرب.

ذكرت ذا كونفرزيشن أن ترامب، على عادته، قدّم الاتفاق بعبارات مبالغ فيها، فوصفه بأنه "نهاية لعصر الإرهاب والموت"، بينما شبّهته بعض الصحف باتفاقات السلام الكبرى. غير أن الافتراض بأن الفلسطينيين والإسرائيليين مستعدون للقبول بالحل السلمي يبدو بلا أساس واقعي. الاتفاق الحالي لا يتجاوز إنهاء القتال وتبادل الأسرى والمحتجزين، بينما تبقى العقبات الحقيقية ماثلة: نزع سلاح حماس لا يبدو وشيكًا، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة ما زال غامضًا تمامًا، ولا وجود لاتفاق حول الحكم أو مسار إقامة الدولة الفلسطينية أو تمويل إعادة الإعمار.

يشير الكاتب إلى أن غياب الثقة بين الطرفين هو العقبة الأعمق أمام نجاح أي اتفاق دائم. ورغم أهمية تبادل الأسرى ووقف النار، فإنهما يمثلان الخطوة الأولى فقط في مسار طويل ومعقد يملؤه الفشل السياسي والانتكاسات التاريخية. بالمقارنة، جاءت اتفاقات دايتون وأيرلندا بعد مفاوضات شاقة وضمانات مؤسسية معقدة استندت إلى إصلاحات دستورية دقيقة، بينما لا تحتوي "إعلان ترامب للسلام والازدهار الدائم" سوى على 462 كلمة صيغت على عجل في مصر، ووقعها زعماء دوليون لم يكن بينهم ممثلون عن حماس أو إسرائيل.

ينص الإعلان على "التزام تاريخي يفتح فصلًا جديدًا من الأمل والسلام"، لكن الكاتب يرى أن الطموح لا يساوي اتفاقًا حقيقيًا، وأن ترامب يحتفل بانتصار دبلوماسي لم يتحقق بعد. يتساءل دن: إذا كان اتفاق أكتوبر يشبه اتفاق يناير الذي انهار بعد أسابيع، فما الذي يدعو إلى الاحتفاء المفرط به؟ يرى أن الإجابة تكمن في حسابات سياسية داخلية، إذ يسعى ترامب إلى ترسيخ صورته كـ"صانع سلام" لزيادة رصيده الدولي وربما لنيل جائزة نوبل، فيما يجعل تضخيم الحدث الأطراف الأخرى مترددة في خرق الاتفاق خشية إثارة غضبه.

أما حضور القادة الأوروبيين مثل إيمانويل ماكرون وكير ستارمر ومارك كارني القمة، فيصفه الكاتب بأنه أداء في مسرح ترامب السياسي، إذ بدوا أشبه بكومبارس في عرض ضخم هدفه تعزيز مجد الرئيس الأمريكي. وراء الابتسامات، يدرك هؤلاء القادة أن الظهور إلى جانب ترامب قد يضر بصورتهم أمام الرأي العام في بلدانهم، لكنه في المقابل يمنحهم فرصة للتأثير على مسار السياسة الأمريكية. فحضورهم لم يكن فقط لإظهار الدعم، بل أيضًا لمحاولة توجيه ترامب نحو مزيد من الدبلوماسية العالمية، خصوصًا في ما يتعلق بالحرب الروسية على أوكرانيا.

يختم دن تحليله بأن ترامب، مثل معظم الرؤساء الأمريكيين في ولايتهم الثانية، يسعى لتخليد إرث سياسي، وإن كان استغلال غروره سبيلًا إلى دفعه نحو أدوار سلمية أوسع، فإن التاريخ قد يرى في هذا العرض المسرحي فائدة غير مقصودة. لكن حتى ذلك الحين، تبقى "صفقة ترامب للسلام" أقرب إلى عرض أضواء باهر من كونها بداية حقيقية لشرق أوسط جديد.
 

https://theconversation.com/egypt-peace-summit-showed-that-donald-trumps-gaza-deal-is-more-showbiz-extravaganza-than-the-dawn-of-a-new-middle-east-267472